
بقلم: المشهد 24
في مشهد سياسي أشبه بوصلة مسرحية طويلة، خرج علينا السيد كاتب الدولة لحسن السعدي، بصوته الحماسي المعتاد، ليعلن أن الحكومة الحالية هي حكومة اجتماعية بامتياز، تهتم بالمواطن المغربي “من المهد إلى الشيخوخة”. ولأن الشعب المغربي يحب المسرح الجيد، استمع لخطابه مثل من يتابع عرضا عن أحلام وردية… يعرف جيدا أنها لا تحدث إلا على الخشبة.
قال السعدي إن الحكومة تستقبل المولود بمنحة، وتربيه في “مدرسة الريادة”، وتعالجه في “أفضل المراكز الصحية”، وتمنحه كتبه المدرسية، ثم تدعمه حين يبحث عن عمل، وتمنحه “جواز الشباب”، وتوفر له ملاعب القرب والفن والثقافة… لا ينقص إلا أن نمنح جواز سفر إلى يوتوبيا!
لكن لننظر خارج القاعة. المولود الذي تحدث عنه السعدي، يولد في قرى بدون مراكز صحية. الطفل لا يجد أحيانا مدرسة في دواره. الشاب لا يجد عملا ولا “جواز شباب” إلا إذا كان مقربا من دوائر النفوذ. أما الشيخ، فمعاشه لا يكفيه حتى لشراء الأدوية التي “راجعتها” الحكومة.
أي دعم اجتماعي هذا، و4 ملايين أسرة ما تزال تنتظر وعدا طال انتظاره؟ أي تعليم أولي، و80% من الأطفال في البوادي يتعلمون في أقسام متهالكة أو تحت الأشجار؟
الحكومة، بحسب خطاب السعدي، تملأ دفاتر الوطن بوصفات النجاح، لكنها تنسى أن تملأ بطون المواطنين بالكرامة، وعقولهم بالثقة. هي حكومة تؤمن بأن الحبر أرخص من الفعل، وبأن التصفيق يمكن أن يغطي على صوت الجوع، وأن “موسيقى الإنجاز” في البرلمان قد تنسي المواطن ضجيج الواقع.
لكن المفارقة الساخرة أن هذه الحكومة التي تتحدث باسم “التطلع الملكي”، تنسى أن تطلّ على المواطن، وتنظر إليه نظرة من يصدّق فعلاً أن رفع الشعارات يكفي لبناء دولة.
فيا سيادة الوزير، إذا كانت هذه هي “الحكومة الاجتماعية”، فماذا نسمي الحكومات التي لم تكن كذلك؟ وهل علينا أن نكتب على أوراق الحالة المدنية:
“المواطن المغربي: ولد تحت رعاية الحكومة، ومات ينتظرها!”