سياسة

السعدي ينتقد “الركوب”… والمغاربة ينتظرون من يركب إليهم الطريق

في تصريح أثار الكثير من الجدل، خرج البرلماني لحسن السعدي، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، بانتقادات لاذعة لما وصفه بـ”الخطاب السياسي المتدني” لبعض مكونات اليسار، متهما إياها بـ”الركوب على مطالب سكان أيت بوغماز” وتحريضهم ضد الحكومة. لكن عوض أن يفتح هذا التصريح نقاشا جادا حول معاناة المواطنين، بدا وكأنه محاولة للتهرب من الواقع الاجتماعي القاسي الذي يرزح تحته الآلاف في مناطق الهامش.

فالمفارقة الصارخة أن السعدي يتهم المعارضة بالركوب، بينما الواقع يظهر أن المواطنين في أيت بوغماز ما زالوا ينتظرون من “يركب إليهم الطريق”، حرفيا، في ظل غياب البنيات التحتية، والعزلة المفروضة، والوعود المتكررة التي لم تُترجم بعد إلى حلول ملموسة.

تصريح السعدي حمل في طياته لهجة هجومية على قيادات يسارية تحركت لمساندة الساكنة، معتبرا أن ذلك يدخل ضمن منطق التحريض السياسي. لكن هذا الموقف يطرح تساؤلات أعمق: هل أصبحت المعارضة متهمة لمجرد أنها تمارس دورها الدستوري في التعبير عن هموم الشارع؟ وهل يطلب من السياسي أن يصمت حين تتعالى الأصوات المطالبة بالكرامة والعدالة المجالية؟

مشكلة الخطاب السياسي، كما يظهر من ردود فعل فئات واسعة من الرأي العام، ليست في المعارضة التي ترفع مطالب السكان، بل في من يعتبر تلك المطالب تهديدا، أو تشويها لصورة الحكومة. وكأن الدفاع عن المواطنين صار فعلا مشبوها يجب التبرؤ منه.

لقد تحدث السعدي عن كفاءات موجودة في البلاد، وعن التوجيهات الملكية، ولكن المواطن في المناطق المهمشة لا يرى الكفاءات في الطريق المنهار، ولا في المدرسة المغلقة، ولا في المركز الصحي الغائب. يرى فقط فاعلين سياسيين يتبادلون الاتهامات، بينما يظل هو خارج اللعبة.

الأكيد أن المغاربة لا ينتظرون من يقيّم لهم “أخلاق الخطاب”، بل من ينصت إليهم، ويفتح الطرق نحوهم، ويضع مصالحهم فوق الحسابات السياسوية الضيقة.

فالمشكل، في النهاية، ليس أن اليسار “ركب” على المطالب، بل أن الأغلبية الحاكمة لم تركب إلى حيث وُجدت أصلاً هذه المطالب.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى