
شهدت العاصمة البلجيكية بروكسيل، مساء الثلاثاء، تنظيم ندوة اقتصادية رفيعة المستوى تحت شعار: “المغرب وأوروبا: شراكة من أجل رسم معالم النمو الإقليمي من خلال تحالفات استراتيجية”، تم خلالها إبراز الفرص الاستثمارية الواعدة التي يوفرها المغرب، خاصة للمستثمرين الأوروبيين، إلى جانب تسليط الضوء على مناخ الأعمال الجاذب بالمملكة.
وتندرج هذه الندوة في إطار الحملة الترويجية “المغرب الآن” (Morocco Now)، التي تهدف إلى التعريف بعرض المغرب الاستثماري والتصديري، ضمن جولة اقتصادية شملت هولندا وبلجيكا ما بين 22 و27 ماي الجاري، بمبادرة من وزارة الاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، وبشراكة مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات.
وترأس الوفد المغربي في هذه البعثة الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، كريم زيدان، الذي أكد في كلمته الافتتاحية أن هذا اللقاء يعكس إيمان المغرب الراسخ بأهمية التعاون البنّاء مع أوروبا لمواجهة التحديات المشتركة، سواء كانت اقتصادية أو بيئية أو جيوسياسية.
وأشار زيدان إلى أن المملكة، بفضل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، واستقرارها السياسي وإصلاحاتها العميقة، أضحت شريكاً موثوقاً واستراتيجياً، يتمتع بمرونة ورؤية استشرافية. كما أبرز أن المغرب تحول من مجرد جار جنوبي لأوروبا إلى فاعل إقليمي رئيسي وجسر للتعاون الثلاثي بين القارات.
وسلط الوزير الضوء على قطاعات استراتيجية واعدة مثل الطاقات المتجددة، وخاصة الهيدروجين الأخضر، وصناعة السيارات والطيران، إلى جانب الصناعات الغذائية والكيماوية، معتبراً أن هذه القطاعات تمثل محركات حقيقية لنمو مستدام وشامل.
وشدد على أن المغرب يقترح نموذج شراكة “رابح-رابح”، يقوم على الابتكار المشترك، وخلق القيمة، والثقة المتبادلة، ويشمل ليس فقط الشركات الكبرى، بل أيضاً المقاولات الصغيرة والمتوسطة والناشئة والكفاءات المحلية في الجانبين.
من جهته، قدم علي صديقي، المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، عرضاً مفصلاً حول مؤهلات الاقتصاد المغربي، مركزاً على تنوع القطاعات وفرص الاستثمار، ومكانة المغرب كمحور استراتيجي يربط بين أوروبا وإفريقيا، إلى جانب غنى الرأسمال البشري المغربي.
أما سفير المملكة لدى بلجيكا والدوقية الكبرى للوكسمبورغ، محمد عامر، فقد أبرز عمق العلاقات التاريخية والإنسانية والسياسية التي تجمع المغرب وبلجيكا، مؤكداً على الإرادة المشتركة للارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى شراكة اقتصادية قوية ومتجددة، داعياً إلى تسليط الضوء على المشاريع الكبرى الجارية بالمغرب والترويج لها لدى الفاعلين الاقتصاديين البلجيكيين.
وأشار عامر أيضاً إلى الدور المحوري الذي تلعبه الجالية المغربية ببلجيكا، التي تضم حوالي 800 ألف فرد، معتبراً إياها جسراً بشرياً وثقافياً واقتصادياً يربط بين البلدين.
وفي السياق نفسه، شدد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الاتحاد الأوروبي، أحمد رضا الشامي، على أهمية الشراكة المغربية الأوروبية، التي وصفها بالأكثر استراتيجية جنوب البحر الأبيض المتوسط. وأكد على ضرورة تسريع وتيرة التعاون في مجالات مثل الطاقات الخضراء، مشيراً إلى الفرص الكبيرة التي تتيحها المملكة بفضل موقعها الجغرافي الفريد وتوجهاتها التنموية الطموحة.
وقد تميزت الندوة بحضور وازن لعدد من الشخصيات الاقتصادية ورجال الأعمال الأوروبيين، وتم خلالها عقد لقاءات ثنائية بين ممثلين عن المقاولات المغربية ونظرائهم من الشركات البلجيكية والأوروبية، بهدف بحث إمكانيات التعاون واستكشاف فرص استثمارية ملموسة قائمة على مبدأ المنفعة المتبادلة.