سياسة

سفيرة السودان بالرباط تكشف تفاصيل خطيرة حول تطورات الأوضاع في مدينة الفاشر

نظمت سفيرة دولة السودان بالرباط، السيدة مودة عمر حاج التوم، مساء يوم الأحد 2 نونبر 2025 مؤتمرا صحفيا تناولت فيه آخر تطورات الأوضاع المأساوية في مدينة الفاشر بإقليم دارفور، وذلك بحضور عدد من ممثلي وسائل الإعلام المغربية والدولية، إلى جانب فعاليات دبلوماسية ومهتمين بالشأن الإنساني.

 

خلال هذا المؤتمر، استعرضت السفيرة بالتفصيل حجم الانتهاكات الجسيمة التي تشهدها مدينة الفاشر منذ أكثر من عام، نتيجة الحصار الذي تفرضه مليشيا الدعم السريع المتمردة، والذي تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في تاريخ السودان الحديث. وأوضحت أن المليشيا منعت دخول الغذاء والدواء، ومارست مختلف أشكال الانتهاكات من قتل وتجويع وتشريد واستهداف للمدنيين، لاسيما النساء والأطفال، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية.

 

وأكدت السفيرة أن المليشيا المتمردة نفذت خلال فترة الحصار نحو 267 هجوماً استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة، بما فيها الأسلحة المحظورة دولياً، رغم صدور قرار مجلس الأمن رقم (2736) في يونيو 2023، الذي دعا صراحة إلى فك الحصار عن المدينة.

 

وكشفت المتحدثة أن هذه المليشيا استعانت بمرتزقة أجانب من دول الجوار ومن أمريكا اللاتينية، مستخدمة أسلحة متطورة وفرتها لها دولة إقليمية معروفة، مضيفة أن حكومة السودان قدمت إلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي أدلة موثقة تثبت عمليات التجنيد والتمويل ونقل المرتزقة عبر الحدود بإشراف مباشر من تلك الجهة الداعمة.

 

وفي سياق متصل، أشارت السفيرة إلى أن الجرائم تصاعدت بعد دخول المليشيا إلى الفاشر، حيث تم اقتحام معسكري زمزم وأبوشوك للنازحين وارتُكبت مجازر مروعة بحق المواطنين، شملت إعدامات جماعية وتصفية للمرضى والمرافقين داخل المستشفيات. ووفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية، فإن نحو 460 شخصاً قتلوا داخل مرافق صحية، فيما قدرت شبكة أطباء السودان أن العدد الإجمالي للضحايا تجاوز 2000 مدني معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ.

 

كما لفتت السفيرة إلى أن منظمة الهجرة الدولية قدرت عدد النازحين من الفاشر إلى مدينة طويلة بأكثر من 25 ألف نازح، مشيرة إلى أنهم ساروا على الأقدام لمسافة 65 كيلومتراً للوصول إلى مناطق أكثر أماناً، فيما تجاوز عدد النازحين خلال ثلاثة أيام فقط 33 ألف شخص. وأكدت أن هذه الجرائم ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وفقاً للمعايير القانونية الدولية، خصوصاً أن عناصر المليشيا يوثقون جرائمهم بأنفسهم وينشرونها على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

وشددت السفيرة على أن ما يجري في الفاشر ليس حدثاً معزولاً، بل هو استمرار لنمط ممنهج من القتل والتطهير العرقي تمارسه المليشيا منذ اندلاع تمردها في أبريل 2023، مشيرة إلى أن المشاهد المأساوية التي شهدها العالم في غرب دارفور ضد قبيلة المساليت تتكرر اليوم في الفاشر، حيث يتم قتل المدنيين العزل، وحرق الأحياء والأسواق، ونهب المستشفيات والمرافق الحيوية.

 

وفي جانب آخر، تطرقت السفيرة إلى جرائم المليشيا في مدينة بارا، التي شهدت حملات اعتقال ونهب وتخريب للممتلكات العامة والخاصة، رافقها انقطاع تام للاتصالات والإنترنت، مما أدى إلى نزوح جماعي واسع للسكان وبقاء عدد كبير من المواطنين في عداد المفقودين. كما واصلت المليشيا استهداف الأعيان المدنية في مدن سودانية أخرى، بما في ذلك مطار الخرطوم وخزاني الروصيرص وسنار، إضافة إلى محطات الكهرباء في مدينتي سنار وسنجة.

 

وأشارت السفيرة إلى أن هذه الاعتداءات أثارت موجة واسعة من الإدانات الإقليمية والدولية، حيث نددت بها دول عربية وإسلامية مثل مصر وقطر والسعودية والكويت وتركيا، إلى جانب جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي، كما عبّرت دول أوروبية كألمانيا وبريطانيا وإيرلندا والنرويج عن استنكارها الشديد للمجازر التي ارتكبتها المليشيا بحق المدنيين.

 

وفي ختام المؤتمر، وجهت السفيرة السودانية نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي، محذرة من العواقب الوخيمة المترتبة على التغاضي عن الجرائم التي تُرتكب بحق الشعب السوداني، ودعت إلى تصنيف مليشيا الدعم السريع كمنظمة إرهابية ومعاقبة الدول التي تقدم لها الدعم أو تتعاون معها.

 

وأكدت أن حكومة السودان ماضية في التزامها بتحقيق سلام شامل يضمن الأمن والاستقرار ويستجيب لتطلعات الشعب السوداني، مشددة على أن أي تفاوض مع المليشيا لن يتم إلا بعد استسلامها الكامل وتسليم أسلحتها.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى