
في خطوة جريئة تهدف إلى حماية صحة المواطنين وضمان سلامة المواد الغذائية، شهد حي أفكا بمدينة القنيطرة عملية نوعية أشرفت عليها السلطات المحلية بتنسيق مع لجنة مختلطة ضمت ممثلين عن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (لونسا)، المكتب الصحي الجماعي، وعناصر من الأمن الوطني والقوات المساعدة. العملية جاءت استجابة لشكايات شفوية تقدم بها سكان الحي الذين اشتكوا من رائحة كريهة تنبعث من محل يُشتبه في استخدامه لتحضير نقانق فاسدة (الصوصيص).
التحقيقات الأولية كشفت عن تفاصيل صادمة، حيث تبين أن صاحب المحل، المعروف في المنطقة بنشاطه التجاري، كان يستخدم شقة مكترية لتحضير النقانق الفاسدة (الصوصيص) بعيدا عن الأنظار. المحل التجاري كان مجرد واجهة تُستخدم للتمويه، بينما كانت عمليات التحضير تتم في ظروف غير صحية داخل الشقة. هذا الأسلوب الملتوي مكّن صاحب المحل من تجنب المراقبة لفترة طويلة، إلى أن تمت الإطاحة به بفضل يقظة السكان الذين لاحظوا الروائح الكريهة وقدموا شكايات متكررة للسلطات.
خلال عملية التفتيش الدقيقة، تمكنت اللجنة المختلطة من ضبط 350 كيلوغراما من النقانق الفاسدة (الصوصيص)، بالإضافة إلى أمعاء (مسارن)، دوارة وكرشة مخزنة في ثلاجة بحالة سيئة وغير صالحة للاستهلاك البشري. كما تم العثور على معدات مستعملة لتحضير النقانق، من بينها آلة لطحن اللحوم وأدوات أخرى تستخدم في هذا النشاط المشبوه.
اللجنة قامت على الفور بإتلاف المواد الفاسدة وفقا للقوانين المعمول بها، كما تم حجز المعدات والثلاجة التي كانت تستخدم في عملية التحضير.
بعد ضبط هذه الكميات الكبيرة من المواد الفاسدة، تم التواصل مع النيابة العامة التي أمرت بفتح تحقيق معمق للكشف عن ملابسات القضية. الجهات المختصة باشرت الاستماع لصاحب المحل، الذي زعم في تصريحاته الأولية أن المواد المضبوطة لم تكن موجهة للاستهلاك البشري المباشر. هذا الادعاء يخضع حاليًا للتحقيق من طرف السلطات، فيما لا تزال المعدات المحجوزة قيد الفحص للتأكد من استخدامها في النشاط غير المشروع.
العملية التي قادتها السلطات المحلية بحزم تعكس التزامًا قويًا بضمان سلامة المواد الغذائية وحماية صحة المواطنين. هذه الخطوة تؤكد أن أي محاولة للتلاعب بسلامة المستهلكين ستواجه بإجراءات صارمة، وأن القانون سيطبق بحذافيره دون تهاون.
من المتوقع أن يتم تقديم المسؤولين عن هذا النشاط الخطير أمام وكيل الملك فور انتهاء التحقيقات، لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة في حقهم.
هذه الحادثة التي هزت سكان حي أفكا تبرز أهمية التفاعل الإيجابي بين المواطنين والسلطات، حيث لعبت شكايات الجوار دورا حاسما في كشف هذه الكارثة الصحية. كما تسلط الضوء على ضرورة تشديد الرقابة على الأنشطة التجارية المرتبطة بالمواد الغذائية لضمان احترام المعايير الصحية والقوانين.
مدينة القنيطرة، بفضل يقظة سكانها واستجابة السلطات المحلية، تثبت مرة أخرى أن صحة المواطنين خط أحمر لا يمكن تجاوزه. التحقيقات لا تزال جارية، والسلطات ملتزمة بالكشف عن كافة التفاصيل ومحاسبة المتورطين لضمان سلامة الجميع.