اتحاد الصحفيين المغاربة يرفض تقرير ‘مراسلون بلا حدود’ ويصفه بالفاقد للشرعية والمحابِي لمن يدفع أكثر

أثار التقرير السنوي الأخير الصادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود” بشأن حرية الصحافة في العالم، جدلا واسعا داخل الأوساط الإعلامية المغربية، بعد تصنيف المغرب في المرتبة 120 عالميا. تصنيف أثار الكثير من علامات الاستفهام حول المعايير المعتمدة في قياس مؤشرات حرية الصحافة، ومدى احترامه لخصوصيات السياق المهني والمؤسساتي في الدول المشمولة بالتقييم.
الحديث عن تقارير هذه المنظمة يستدعي فهمً عميقا لمقومات العمل الصحفي، من جهة، ووعيا بمنهجية إعداد تقاريرها ومحددات قراءتها لمبدأ حرية الصحافة، من جهة أخرى. ذلك أن استيعاب البنية الفلسفية والمرجعية الفكرية لتقاريرها يكشف، بجلاء، اختلالات منهجية وتحيزات واضحة في مقاربتها، خصوصا حين يتعلق الأمر بالمغرب.
فعلى الرغم من التحديات التي يواجهها الجسم الصحفي المغربي، فإن التقييم الذي تضمنه تقرير “مراسلون بلا حدود” لا يعكس بدقة الواقع المهني ولا يراعي الجهود المبذولة على مستويات التشريع والتنظيم والتكوين. الأسوأ من ذلك، أن التقرير ذاته يضع إسرائيل ــ المتهمة بقتل أكثر من 200 صحفي ومراسل، وبارتكاب مجازر بحق المدنيين في الأراضي الفلسطينية ــ في مرتبة أعلى من المغرب (المركز 112)، في مشهد يُفقد هذه المنظمة كل حياد محتمل أو مصداقية مهنية.
ويذهب عدد من المهنيين المغاربة إلى اعتبار ما جاء في التقرير نوعًا من التحامل المقصود، إذ لا يُعقل أن تصنف دول لا تملك بيئة إعلامية متكاملة، أو تعاني من قيود صارمة على حرية التعبير، في مراكز متقدمة على بلد يشهد دينامية إعلامية وتعددا في التعبير والرأي، رغم الصعوبات القائمة.
في هذا السياق، نبه رئيس اللجنة المؤقتة للمجلس الوطني للصحافة، في مقال تحليلي مفصل، إلى التجاوزات الفجة التي تشوب منهجية عمل هذه المنظمة، ووصفها بـ”منظمة منافقون بلا حدود”، محذرا من الانسياق وراء تصنيفات لا تراعي التوازن ولا تحترم السياق المحلي.
وبناء عليه، أصدر اتحاد الصحفيين المغاربة بلاغا عبر فيه عن رفضه القاطع لتقرير “مراسلون بلا حدود”، واعتبره فاقدا للشرعية المهنية، متهمًا المنظمة بالمحاباة والانحياز لمن يدفع أكثر، في تجاهل تام لمبادئ الموضوعية والعدالة في التقييم.
كما دعا الاتحاد إلى:
-
رفض المنهجية المعتمدة في التقرير واعتبارها لا ترتقي إلى مستوى المهنية المطلوبة.
-
التشكيك في مصداقية المنظمة وتأكيد غياب النزاهة في تقييمها لأوضاع حرية الصحافة بالمغرب.
-
مطالبة المنظمة باحترام كفاءات الإعلاميين المغاربة وتجنب إعطاء دروس في الحريات من منابر تعوزها المصداقية.
-
دعوة كل الهيئات والتنظيمات المهنية إلى تجاوز الخلافات وتوحيد الصف من أجل مواجهة التحديات والمخططات التي تستهدف الإعلام الوطني.
-
الدعوة إلى عقد لقاء وطني جامع يعيد ترتيب البيت المهني، ويؤسس لرؤية موحدة تحفظ كرامة الصحفيين وتدافع عن حرية الصحافة في إطارها المهني المسؤول.
وفي الختام، فإن الدفاع عن حرية الصحافة لا يكون عبر مؤشرات مضلّلة أو تقارير انتقائية، بل من خلال مقاربات عادلة تضع في الاعتبار الواقع المعاش، وتكرس التوازن بين الحقوق والمسؤوليات.