
شهدت البنوك المغربية حركة غير مسبوقة في الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر 2024، مع إقبال مكثف على فتح الحسابات وإيداع مبالغ مالية ضخمة تقدر بمليارات الدراهم. يأتي ذلك استجابة للإجراء الضريبي التشجيعي الذي أطلقته وزارة المالية والاقتصاد ومديرية الضرائب، والذي يقضي بخصم نسبة 5٪ فقط من الضريبة على الدخل للمبالغ المودعة في الحسابات البنكية، بهدف مكافحة ظاهرة التعامل النقدي (“الكاش”) وتخزين الأموال في الخزنات الحديدية المنزلية أو لدى المقاولات.
وفقًا لمصادر موثوقة، شهدت بعض البنوك حالات إيداع مبالغ هائلة، مثل أحد البنوك في أكادير الذي استقبل زبونا أودع مبلغًا قدره 14 مليار سنتيم، ما تطلب يومين كاملين لعدّ الأموال. هذا التدفق الكبير للأموال المودعة يعد حدثًا غير مسبوق في تاريخ المغرب الحديث، ويعكس استجابة واضحة للإجراء الضريبي الجديد.
أطلقت المديرية العامة للضرائب حملة واسعة النطاق تستهدف أصحاب الحسابات البنكية ومكتنزي الأموال النقدية، بهدف حثهم على الكشف عن مصادر أموالهم وإيداعها في البنوك. ويُمنح أصحاب هذه الأموال فرصة لتسوية أوضاعهم طواعية قبل نهاية عام 2024، مع تجنب أي ملاحقات قانونية.
اعتبارًا من يناير 2025، سيتم فرض خصم بنسبة 37٪ على المبالغ الكبيرة المودعة بالبنوك، مع إلزام المودعين بتبرير مصادر هذه الأموال. يهدف هذا الإجراء إلى تعزيز الشفافية المالية ومكافحة التهرب الضريبي وتبييض الأموال. وقد أدى ذلك إلى زيادة حركة الإيداعات المالية في البنوك خلال الأيام الأخيرة من العام.
في موازاة ذلك، شهد سوق الذهب حركة غير اعتيادية، حيث لجأ البعض إلى شراء الذهب لتجنب الإيداع البنكي والهروب من الضريبة على الدخل. كما أعرب عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، عن قلقه من ارتفاع حجم النقد المتداول، الذي بلغ أكثر من 430 مليار درهم، أي ما يعادل 30٪ من الناتج الداخلي الخام، وهي نسبة تعد من بين الأعلى عالميا.
يهدف الإجراء الجديد إلى تقليص حجم الأموال المتداولة خارج النظام المصرفي، وتوسيع القاعدة الجبائية، وتعزيز الشفافية المالية. كما يسعى إلى تحسين مؤشرات الحكامة الاقتصادية ومكافحة الأنشطة غير المشروعة.
تعتبر هذه الخطوة جزءا من جهود الدولة لتعزيز الثقة في النظام المصرفي وتحقيق تحول اقتصادي شامل، مع مراعاة التحديات التي تواجه مكافحة التهرب الضريبي وتبييض الأموال، بما يضمن استقرار الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة.