تعليق عيد الأضحى يكشف تناقض المواطن: من الاحتجاج على الغلاء إلى التهافت على اللحوم بـ150 درهما

في مشهد يطرح أكثر من علامة استفهام، يتساءل العديد من المراقبين: إلى أين نحن ذاهبون كمجتمع؟ هل نملك حقا وعيا جماعيا بقضايا المعيشة والاقتصاد الوطني، أم أننا نعيش فقط ردة فعل ظرفية دون إدراك أبعادها الحقيقية؟
فقط قبل سنوات، كان المواطن المغربي يشتكي من غلاء المعيشة، ويستنكر بشدة ارتفاع أسعار الأضاحي خلال عيد الأضحى، موجها أصابع الاتهام إلى الدولة والمهنيين والوسطاء. نفس المواطن خرج في تصريحات إعلامية ومطالب اجتماعية يدعو فيها إلى تدخل عاجل، وإيجاد حل لتكاليف العيد التي تثقل كاهله.
واليوم، وبعد أن استجابت الدولة، وتحديدا بمبادرة سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بتعليق شعيرة عيد الأضحى لهذه السنة مراعاة للظروف الاقتصادية الصعبة، ظن الجميع أن هذه الفرصة ستستغل في التخفيف من الطلب وضبط السوق، بل وتوفير الحماية للقطيع الوطني وتحقيق بعض التوازن.
لكن المفاجأة كانت في السلوك المعاكس تماما، فبدل احترام القرار الملكي واستثماره كفرصة لترشيد الاستهلاك، سارع العديد إلى التهافت على اقتناء لحوم الأضاحي من الجزارين، حتى بلغ ثمن الكيلوغرام الواحد 150 درهما، ما أعاد طرح السؤال الجوهري:
من المسؤول الحقيقي؟ الدولة أم المواطن؟
من الواضح أن إشكالية ارتفاع الأسعار ليست وليدة الدولة أو السوق فقط، بل ترتبط أيضا بعقلية المستهلك وسلوك المواطن الذي يضغط على السوق، ويخلق مناخًا للمضاربة، دون وعي أو مسؤولية جماعية.
الرسالة اليوم واضحة: قبل أن توجه أصابع الاتهام للآخرين، وجهها إلى نفسك أولا. فالوطن لا يبنى بالقرارات فقط، بل بسلوك المواطن، ومدى التزامه بروح التضامن والوعي الجماعي.