عبد الله بوصوف يحاضر حول القيم الدينية والتعايش ويكرم برواق أبوظبي في معرض الرباط الدولي للكتاب

ألقى المفكر الدكتور عبد الله بوصوف محاضرة بعنوان “الأسس القيمية للأديان: من الحوار السديد إلى التعايش السعيد”، وذلك ضمن سلسلة ندوات منتدى أبوظبي للسلم، المقامة في إطار المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط.
وفي مستهل مداخلته، توقف الدكتور بوصوف عند مجموعة من المفاهيم مثل “التعددية” و”التعايش” و”التنوع”، مبرزا أصولها الغربية وسياقات نشأتها، حيث اعتُبرت نماذج للرقي في إطار المركزية الغربية، قبل أن تصبح، حسب رأيه، مفاهيم متجاوزة لا تواكب تطور النقاشات المرتبطة بحقوق الإنسان.
وأوضح بوصوف أن مصطلح “التعايش” وُلد في سياق الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت، وكان يحمل دلالات تمييزية تعكس دونية الطرف المختلف دينيًا، بينما يحيل مصطلح “التعدد” على اعتراف نظري لا يُترجم إلى آليات عملية تفعل هذا التعدد على أرض الواقع.
وأكد الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج أن غياب المعرفة الحقيقية بالآخر، سواء في السياق الإسلامي أو الغربي، يُشكل أحد أسباب التباعد والانقسام، مشددا على ضرورة فهم الآخر انطلاقا مما يعبّر به عن نفسه، لا من خلال إسقاطاتنا الذاتية عليه.
وفي إطار تأصيله لمفهوم العيش المشترك، استعرض بوصوف عددا من النصوص الفقهية التي ترسخ لهذا المفهوم، من بينها “المعيار” للونشريسي و”المدونة الكبرى” لسحنون، ليتوقف بعد ذلك عند التجربة المغربية في احتضان التعدد الديني، مستعرضا كيف دأب سلاطين المغرب عبر التاريخ على رعاية التنوع الديني وضمان حرية المعتقد لمعتنقي الديانات السماوية، وحرصهم على دمجهم في نسيج المجتمع المغربي.
كما أورد شواهد تاريخية تؤكد هذا التعايش، داعيًا إلى توثيق هذه الخبرة المغربية في إدارة الاختلاف الديني وتثمينها داخل المناهج الدراسية، بما يساهم في تقديمها كانموذج عملي لمعالجة قضايا الاختلاف في العالم المعاصر.
وفي ختام مداخلته، شدد بوصوف على ضرورة ردم الفجوة بين الشرق والغرب عبر تعزيز آليات الحوار، وإنتاج معرفة علمية حول الآخر، وتكريس القيم الكونية التي تقوم على احترام الإنسان، بصرف النظر عن ديانته أو خلفيته الفكرية أم الفلسفية.
كما تم تكريم الدكتور عبد الله بوصوف في رواق أبوظبي تقديراً لإسهاماته الفكرية وجهوده في تعزيز قيم الحوار والتعايش بين الأديان والثقافات، وذلك ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط.