
أكد البروفيسور خالد آيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية السابق، أن القارة الإفريقية تعيش اليوم دينامية واعدة في المجال الصحي، لكنها ما زالت تحتاج إلى مزيد من التآزر والتكامل بين دولها لبناء سيادة صحية جماعية قادرة على التصدي للأزمات الوبائية والصحية.
وخلال مشاركته في الدورة الثالثة لـ”الأيام الإفريقية للاستثمار والتشغيل”، المنعقدة يوم الثلاثاء 8 أبريل بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، أشار آيت الطالب إلى أن غياب التنسيق وتشتت الجهود بين مناطق القارة يعيق تحقيق منظومة صحية موحدة، رغم الجهود التي تبذلها مؤسسات مثل المركز الإفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC Africa).
وسلط الوزير السابق الضوء على تداعيات جائحة كوفيد-19، التي كشفت هشاشة المنظومات الصحية، حتى في الدول المتقدمة، مؤكداً أن المغرب تعامل مع الأزمة بكفاءة بفضل التوجيهات الملكية، حيث تم إحداث لجنة قيادة عليا وصندوق تضامني، إلى جانب إطلاق لجنة لليقظة الاقتصادية.
وأوضح آيت الطالب أن مواجهة الأزمات الصحية تتطلب استثمارات في البنيات التحتية، وتعزيز قدرات الاستشفاء، وتكوين مخزونات استراتيجية من الأدوية والمعدات، بالإضافة إلى تطوير أنظمة للرصد الوبائي مبنية على معطيات دقيقة.
وأكد أن السيادة الصحية ليست مجرد هدف وطني، بل مشروع قاري مشترك، داعياً إلى تنسيق استراتيجي يشمل جميع بلدان إفريقيا، مستشهداً بتجربة اليابان التي واجهت صعوبات في تلقيح مواطنيها رغم إمكانياتها، بسبب هيمنة بعض الدول على الأسواق العالمية.
كما أبرز آيت الطالب أهمية الوقاية في السياسات الصحية، موضحاً أن كل درهم يستثمر في هذا المجال يوفر أضعافه من تكاليف العلاج مستقبلا. ولفت إلى أن إفريقيا تسجل وباء جديدا كل أسبوع، مما يمنحها تجربة فريدة في تدبير الأزمات الصحية تستحق الاستفادة منها.
وأشار إلى أن أكبر تحدٍ تواجهه القارة هو ضعف تحفيز الموارد البشرية في قطاع الصحة، ما يؤثر سلباً على جذب الكفاءات والاحتفاظ بها. واعتبر أن المغرب شرع في إصلاح جذري للقطاع الصحي يركز على تأهيل العنصر البشري، تحديث البنيات، واعتماد حكامة جديدة تأخذ في الاعتبار التحولات العالمية، مثل الذكاء الاصطناعي والطب التنبؤي.
وشدد على أن مستقبل الطب يرتكز على الوقاية والتشخيص المبكر من خلال دراسة الجينوم والبيانات البيولوجية، مما يتطلب دعماً كبيراً للبحث العلمي، الذي وصفه بالحلقة المفقودة في القارة رغم توفرها على الموارد الطبيعية والبشرية.
واختتم آيت الطالب مداخلته بالدعوة إلى تعزيز إنتاج اللقاحات داخل القارة، مبرزاً أن ثماني دول إفريقية أصبحت قادرة على التصنيع، لكنها بحاجة إلى تنسيق فعّال لتأمين الاكتفاء الذاتي، داعياً إلى تحويل اللقاء إلى نقطة انطلاق نحو سياسات صحية عملية، تضع في صلبها الشباب الإفريقي وإمكانات القارة الواعدة.