مجتمع

التحريض على الهجرة الجماعية.. بين معاناة الشباب والاستهداف الخارجي

تعود من جديد موجة التحريض على الهجرة الجماعية نحو مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، لتثير جدلا واسعا في المغرب، بعدما تداولت منصات التواصل الاجتماعي دعوات تدعو الشباب إلى اقتحام السياج الحدودي، في تكرار لمحاولات فاشلة شهدها العام الماضي في نفس التوقيت.

ورغم التحذيرات الرسمية، ما تزال هذه الدعوات تجد صدى لدى فئات من الشباب المغاربة والمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، الذين يدفعهم اليأس والبطالة والأوضاع الاجتماعية الصعبة إلى التفكير في الهجرة غير النظامية كمنفذ للهروب من الواقع.

يرى خالد مونة، الباحث في شؤون الهجرة، أن الظرفية الحالية “تتسم باحتقان اجتماعي واضح وسط فئة الشباب، خصوصا جيل زد، الذي عبّر في الأشهر الأخيرة عن غضب متزايد بسبب غلاء المعيشة وغياب فرص الشغل”. ويؤكد أن “العنف الذي رافق بعض الاحتجاجات الأخيرة يعكس عمق الأزمة التي تجعل خيار الهجرة الجماعية يبدو بالنسبة للكثيرين الحل الوحيد الممكن”.

ويشير الخبير ذاته إلى أن المقاربة الأمنية “لا يمكنها وحدها معالجة الأسباب الحقيقية وراء الظاهرة”، موضحا أن نسب الهدر المدرسي المرتفعة –التي تصل إلى نحو 30% سنويا– تؤدي إلى تفاقم البطالة في صفوف الشباب بين 15 و25 سنة بنسبة تقارب 35%، وفق إحصائيات رسمية لوزارة التربية الوطنية www.education.gov.ma.

في المقابل، يعتبر المحلل السياسي عبد الله أبو عوض أن ما يحدث “يتجاوز البعد الاجتماعي ليدخل في إطار الاستهداف الخارجي”، مشيرا إلى أن “جهات إقليمية معينة تسعى إلى تشويه صورة المغرب وربطه بموجات الهجرة الجماعية من خلال حملات رقمية منظمة”، في إشارة غير مباشرة إلى الجزائر.

ويشدد على أن “المملكة مطالبة باعتماد مقاربة استباقية في التعامل مع هذه الظاهرة، عبر تواصل رسمي يوضح الحقائق بالأرقام والمعطيات الدقيقة، بعيدا عن الخطاب العاطفي الذي تستغله بعض الصفحات المشبوهة”.

في المحصلة، تبقى الهجرة الجماعية انعكاسا لأزمات بنيوية في التعليم والتشغيل، ولإحباط متزايد بين الشباب الذين فقدوا الثقة في الحلول المحلية، ما يجعلهم أكثر عرضة للاستغلال من أطراف داخلية وخارجية تدفعهم نحو المجهول.

اكتشف مواضيع مشابهة وتحليلات معمقة في قسم قضايا الهجرة على موقعنا، واطلع على آخر المستجدات عبر منصتنا almashhad24.ma.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى