تستعد مجموعة “روافد موسيقية” بمدينة طنجة لتنظيم النسخة السابعة عشرة من ملتقى العبادي لهواة طرب الآلة، حيث سيتم الاحتفاء بالذكرى الستين لرحيل رائد موسيقى الآلة المغربي المعلّم العربي بن محمد السيار، من خلال عزف “نوبة العشاق” تحت إشراف الدكتور عمر المتيوي، وذلك يومي 27 و28 دجنبر الجاري بمدينة البوغاز.
وحسب دراسة أعدها المتيوي حول “نوبة العشاق”، فإن هذا المصطلح يشير، في الموسيقى العربية والتركية، إلى مقام موسيقي معروف باسم “بَنْجِكَاه” في بعض البلدان الإسلامية. في السياق المغربي، يرمز إلى “نوبة” ضمن موسيقى الآلة الموثقة في كناش الحايك. يتميز هذا الطبع بخفته وأثره الحماسي، وغالبًا ما يقفل على درجتي الرمل “صول” أو الماية “ري”.
إحياء ذكرى الرائد السيار
شكيب العبادي، رئيس “ملتقى العبادي”، أوضح أن دورة هذه السنة تكتسي طابعاً خاصاً بإحياء ذكرى قامة موسيقية بارزة مثل العربي بن محمد السيار (1882 -1964)، الذي كان له إسهام كبير في حفظ التراث المغربي الأصيل، وخصوصاً تلحينه ميزان درج العشاق الذي كان مهدداً بالاندثار.
الملتقى، الذي بدأ بفكرة تقديم ميازين موسيقية متنوعة، أصبح مشروعاً موسيقياً طموحاً يسعى لتوثيق نوبات كاملة بمقاربة شاملة، مع الاعتماد على التسجيلات الحية والنادرة في فضاءات مغربية أصيلة. وقد أنجز الملتقى منذ 2015 توثيق ست نوبات من أصل إحدى عشرة، بما في ذلك نوبات الاصبهان والماية والحجاز الكبير.
مبادرات لتعزيز الحوار الفني
ضمن جهود تعزيز الحوار حول طرب الآلة، قامت المجموعة المنظمة العام الماضي بإطلاق ورشة نقاش عبر تطبيق “واتساب”، حيث استمرت النقاشات المثمرة لأسابيع، ما أدى إلى إصدار كتيب توثيقي ليكون مرجعاً للباحثين والمهتمين.
مجهودات مجموعة “روافد موسيقية”
الدكتور عمر المتيوي أثنى على تفاني مجموعة “روافد موسيقية”، التي تضم موسيقيين شباباً شغوفين بحفظ التراث الموسيقي المغربي وتطويره. وأكد أن الملتقى لم يعد حدثاً عابراً، بل أصبح تقليداً فنياً يساهم في إبراز أصالة الموسيقى المغربية وإعادة إحياء الذاكرة الفنية.
العربي السيار: رائد موسيقى الآلة المغربية
ولد العربي بن محمد السيار في طنجة حوالي عام 1882، حيث نشأ في بيئة روحانية وفنية أسهمت في بناء شخصيته الموسيقية. تعلم السيار فنون موسيقى الآلة على يد كبار أعلام طنجة، وتميز بحافظة موسيقية استثنائية وصوت عذب، إضافة إلى براعته في نقر “الطار”. رغم توجهه للتجارة بناءً على رغبة والده، ظل شغفه بالموسيقى حياً، حيث كرس وقته وجهده لجمع الصنعات النادرة والتواصل مع شيوخ الآلة خلال فترة الاستعمار.
ستظل دورة هذا العام فرصة لاستحضار عبق الماضي، وتعزيز التواصل بين عشاق موسيقى الآلة، مع تكريم ذكرى مبدع ميزان درج العشاق، الذي أسهم إسهاماً كبيراً في صيانة التراث الموسيقي المغربي.