
في كلمته خلال مناقشة عرض السيدة الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات حول أعمال المحاكم المالية لعام 2023-2024، الذي قدم أمام المؤسسة التشريعية في 15 يناير 2025، أكد الفريق الحركي على أهمية التقرير السنوي الذي يساهم في تعزيز الشفافية وتطوير المناخ الاستثماري بالمملكة. وعبّر الفريق عن شكره للسيدة الرئيس الأول وللقضاة وأطر المجلس على جهودهم الكبيرة في تعزيز الحكامة المالية والإدارية.
وأكد الفريق الحركي على ضرورة أن تواصل الحكومة توفير المزيد من الاعتمادات والموارد للمجلس الأعلى للحسابات، كي يتمكن من أداء أدواره بكفاءة عالية في المراقبة والتقييم، بما يسهم في تحسين التدبير العمومي.
وتطرق الفريق الحركي إلى بعض الملاحظات الواردة في التقرير، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الوطني يظل تحت المساءلة، رغم بعض المؤشرات الإيجابية. إذ أشار إلى أن الحكومة لم تتمكن من تحقيق الفرضيات الاقتصادية مثل معدل النمو، التضخم، والمحصول الزراعي. مثلاً، رغم تراجع معدل التضخم، فإن الأسعار لازالت مرتفعة وتتجاوز القدرة الشرائية للمواطنين. وأكد الفريق على ضرورة اختبار الابتكار الحكومي لخلق التناسب بين الدخل وواقع السوق. كما أشار إلى أن النفقات الإجمالية ارتفعت بنسبة 12.5% مقابل زيادة في المداخيل الضريبية بنسبة 12%.
أما بالنسبة للمديونية، فرغم توقع الحكومة استقرار نسبة دين الخزينة عند 69.5% من الناتج الداخلي الخام في 2025، إلا أن ارتفاع الدين الخارجي بنسبة 10.8% في 2023، والدين الداخلي بنسبة 5.6%، يطرح تساؤلات كبيرة حول استدامة المالية العمومية.
فيما يتعلق بالإصلاح الجبائي، جدد الفريق دعوته إلى الحكومة لزيادة وتيرة تنفيذ القانون الإطار رقم 69.19 الذي يحدد أهداف الإصلاح الضريبي. وأكد على ضرورة تحقيق العدالة الضريبية، خاصة فيما يتعلق بالجبايات المحلية والرسوم شبه الضريبية.
كما تطرق التقرير إلى مجموعة من المخاطر التي قد تواجه المالية العمومية في المدى المتوسط والبعيد، مثل تكلفة الإجهاد المائي التي تقدر بـ 143 مليار درهم للفترة 2020-2027، وكلفة إعمار الحوز ومساعدة المتضررين. كما تم الإشارة إلى أن كلفة الحماية الاجتماعية ستبلغ 53.5 مليار درهم عند تفعيلها في 2026، منها 38.5 مليار درهم من ميزانية الدولة. كما ذكر التقرير ضرورة تعبئة الموارد المالية الهامة لاستثمار كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، بالإضافة إلى إصلاح منظومة التقاعد.
وأشار الفريق إلى أهمية الاستثمار في قطاع المياه، موضحًا ضرورة تحديث شبكات السقي الجماعي وتوسيع نطاق استخدام الري الموضعي لتحقيق الاقتصاد في استهلاك الماء. كما شدد على أهمية تقليص النفقات الزائدة التي وصلت إلى 65 مليار درهم سنة 2023، مقابل عائدات لم تتجاوز 16.8 مليار درهم.
كما دعا الفريق إلى استراتيجيات متكاملة لدعم الاستثمار، خاصة في ظل التحديات التي تواجه المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تشكل 93% من النسيج الاقتصادي الوطني. ولفت الانتباه إلى انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 53% في 2023، كما نبه إلى تعثر الحكومة في تعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات الخصوصية المقررة لإحداث 500 ألف منصب شغل.
بالإضافة إلى ما سبق، أكد الفريق على ضرورة تسريع إصلاحات التعليم والإدارة، مشددًا على أهمية تقييم وتنفيذ استراتيجيات محاربة الأمية، إصلاح الإدارة، وتطوير التعليم الأولي، الذي يعتبر حجر الزاوية في النظام التعليمي الوطني. كما أشار إلى أن نسبة الأمية لا تزال مرتفعة، وأن الخطط الاستراتيجية لم تحقق الأثر المرجو.
وفي ختام كلمته، دعا الفريق الحركي جميع القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية إلى التفاعل البناء مع ملاحظات وتوصيات التقرير، مؤكدًا على متابعة تنفيذ هذه التوصيات في إطار الدور الرقابي الذي يضطلع به الفريق.